يندرج أحدث أفلام المخرج العظيم ستيفن
سبيلبرغ في فئة أفلام الحرب الباردة ذات الطابع المثير، ويؤدي دور البطولة
فيه الممثل توم هانكس. لكن الناقد السينمائي أوين غلايبرمان يرى أن العمل
يفتقر لعناصر الجذب التي اتسمت بها أفضل الأفلام التي قدمها سبيلبرغ سابقا.
عادة ما يُضرب المثل بـ ستيفن سبيلبرغ للإشارة إلى مستوى معين من
القدرة على تقديم عمل سينمائي تلهث له أنفاس مشاهديه. ففي لقطاته، تلك
المصورة بكاميرا ذات إيقاع انسيابي، تظهر الشخصيات وتختفي بذاك التدفق
الطبيعي الأصيل الذي يجعل من العسير تصديق أن مثل هذه المشاهد مُصممة
ومُعدة سلفا.
وحتى في خضم ذاك الطابع الجهنمي الذي يكسو فيلم مثل "قائمة شندلر"، يمكن أن تفغر أفواه المشاهدين من فرط الإثارة بفعل القدر الهائل من العبقرية التي يتمتع بها هذا الرجل في مجال تقديم مشاهد سينمائية أخاذة. رغم ذلك، تحول ستيفن سبيلبرغ في الآونة الأخيرة إلى نوع مختلف من المخرجين السينمائيين، يمكن وصفه بأنه مخرج يرزح تحت ضغوط.
وقد بات سبيلبرغ مشدودا - أكثر من أي وقت مضى - إلى الموضوعات التاريخية، والتي يختارها بحسب مدى تلائمها مع ظروفنا الراهنة. ولكنه أصبح الآن راغبا في أن يدع حقائق التاريخ تعبر عن نفسها بالكلمات وباللقطات السينمائية سواء بسواء، ليتحول سبيلبرغ إلى نمط جديد من أنماط المخرجين الكلاسيكيين.
وفي بعض الأحيان يؤتي ذلك بنتائج مبهرة. ففي فيلم "ميونيخ"، ذاك العمل المثير المتقن الذي أخرجه سبيلبرغ واُنتِج عام 2005، تحول ما جرى في أعقاب أزمة احتجاز الرهائن الإسرائيليين خلال دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية في عام 1972، إلى تأمل ذي طابع مفعم للغاية بالتشويق والإثارة بشأن قضية الانتقام بدوافع وطنية، ولماذا يكون من المُقدر فشل تلك المحاولات، سياسيا وروحيا.
أما في فيلم "لينكولن"، ذاك العمل – الذي يتناول سيرة حياة الرئيس الأمريكي الراحل أبراهام لينكولن بصورة تتسم بطابع رصينٍ وكاشفٍ وموحٍ في نفس الوقت – فقد استخدم سبيلبرغ المعركة التي خاضها لينكولن لإنهاء العبودية، كوسيلة لإيضاح المعنى الحقيقي للسياسة من خلال الدراما، ليُفْهِمَ المشاهد أن السياسة ما هي إلا حرب تجري بوتيرة بطيئة ويُحرز فيها النصر بأي وسيلة ضرورية.
ويشكل أحدث أفلام سبيلبرغ "جسر الجواسيس" تناولا دراميا لقضية جاسوسية بدأت وقائعها عام 1957. وكان من شأن هذا الفيلم أن يصبح عملا سينمائيا من الطراز الأول على غرار فيلميّه التاريخييّن السابقين البارزين، "ميونيخ" و"لينكولن". لكن العمل الجديد، مع كل الأناقة التي أُعِدَ بها، جاء ذا طابع مريح وناعم أكثر من اللازم، وسطحيا في التصورات الواردة في ثناياه.
ويتمحور الفيلم حول محامٍ من نيويورك متخصص في القضايا المتعلقة بالتأمينات يُدعى جيمس دونوفان (يجسد شخصيته توم هانكس) يُختار من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) للدفاع عن شخص يُشتبه في أنه جاسوس للاتحاد السوفيتي، يُدعى رودلف آيبل (يجسد دوره الممثل مارك رايلانس).
وآيبل هو فنان فاشل تلاحقه السلطات الأمريكية إلى أن يُعتقل في شقته بحي بروكلين، ويُزج به في السجن. ورغم أنه لا يوجد من يرى أن آيبل برئ، فإن دونوفان – على الأقل - يرى أن فيه جانبا إنسانيا، بينما تحتاج السلطات الأمريكية لأن تُظهر أن هذا المتهم ينال محاكمة عادلة.
لكن دونوفان يرفض ببساطة اتباع الإجراءات القانونية المعتادة. وخلال المحاكمة، يخوض حربا من أجل تبرئة ساحة موكله، مُطالبا المحكمة بعدم الاعتداد بأدلة إثبات رئيسية في القضية بدعوى أن السلطات لم تحصل قط على أمر بالتفتيش.
وعندما يلاحقه أحد عناصر الـ(سي آي أيه) و(الذي يجسد دوره سكوت شيبرد) ويوبخه، مُوضحاً له أن الأمر أكثر أهمية من أي محاكمة، يسخر منه دونوفان، شارحا موقفه في هذا الصدد بقوله إن ما يميز الولايات المتحدة عن سواها من البلدان يتمثل في استعدادها للعب وفقا للقواعد المتعارف عليها.
ومن بين المؤشرات التي تحدد ما هو حق وما هو باطل فيما يتعلق بهذا الفيلم، أنني تابعت هذا المشهد ومشاعري ممزقة ما بين التعاطف مع دونوفان أو مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، ذاك الجهاز الذي يشكل أحد الجهات الممثلة للقوة الأمريكية، والذي يوجه لبعض الأشخاص تهما ذات طبيعة فضائحية من شأنها تدمير سمعتهم. (بطبيعة الحال يريد منك الفيلم أن تقف في صف المحامي).
ومن جهته، يتسم أداء هانكس لدوره في الفيلم والعبارات المكتوبة له في السيناريو بأسلوب مقتضب، ولكنه يتصف كذلك بتلك الروح المرحة التي تميز بها الممثل المخضرم هنري فوندا. لكن الإشارة الضمنية التي ينطوي عليها العمل والتي تفيد بأن كل شخصياته، باستثناء دونوفان، قد تخلوا عن أفضل خصالهم الإنسانية، تأتي أشبه بحقيقة تُقدم على نحو مبسط بشكل مفرط وذي طابع تعليمي وتوجيهي.
والأمر هنا لا يتعلق بالحديث مثلا عما إذا كان الجواسيس على جانبي الصراع خلال الحرب الباردة يُعاملون بإنسانية أو لا. فـ"سبيلبرغ" يريد تقديم فيلم يدافع عما يمكن أن يُوصف بمثالية الولايات المتحدة، ولكنه في واقع الأمر دنا على نحو خطير من القول إنه كان يمكن إحراز النصر في الحرب الباردة باتباع أخلاق الفرسان، وكأنها لعبة يمارسها رجال محترمون.
ويقع الاختيار على دونوفان للسفر إلى ما وراء الستار الحديدي لإجراء مفاوضات تستهدف بلورة صفقة تبادل للسجناء، يتم بموجبها مبادلة آيبل بـ"باورز". ولكن المشكلة البسيطة القائمة في هذا الأمر تكمن في أن هناك سجينا أمريكيا آخر لدى المعسكر الشرقي، وهو طالب للدراسات العليا بجامعة "يل" الأمريكية محتجز في برلين الشرقية.
ورغم أن دونوفان أُعطي أوامر مباشرة بألا يسعى لاستعادة هذا الطالب، فإنه يختار عدم الانصياع لذلك. وهكذا ينخرط في مواجهة ضارية مع المفاوضين السوفيت والألمان الشرقيين، مُطالباً إياهم بتحرير السجينيّن الأمريكيين مقابل تسليمهم آيبل.
ولكن الشجاعة والثقة ذوي الطابع البليد والممل أحيانا اللذين يُكِنُهما هانكس، يوصلان إلينا معنى مفاده بأنه مواطن عادي بات نجما مناصرا للقيم والأخلاق. وهنا يتحول الفيلم إلى ما هو أشبه بلعبة شطرنج معتادة تكتنفها مخاطر جسيمة تهدد كلا لاعبيها.
فهل يتمكن دونوفان من خلال إذكاء التوتر ما بين المفاوضين السوفيت وأقرانهم الألمان الشرقيين من تحرير السجينيّن وليس سجينا واحدا، مع وجود خطر يتمثل في احتمال ألا يعود بأي منهما على الإطلاق؟.
كل ذلك حدث على أرض الواقع، ولكن تجسيده في الفيلم يجعل المحامي دونوفان يبدو كما لو كان يُقدم على مخاطرة غير محسوبة أو مسؤولة يدرك أنه سينجو من عواقبها، وذلك لأنه – في نظر المشاهد نجم كبير هو توم هانكس ويقوم ببطولة فيلم من أفلام الإنتاج الكبير في هوليوود، وهو ما يجعل من المنطقي توقع أن الحظ سيحالفه في نهاية المطاف. ولذا لا يوجد الكثير من الشكوك، ومن ثم التشويق، بشأن ما الذي ستؤول إليه الأحداث.
في النهاية، يبدو "جسر الجواسيس" استفتاءً مرتبا على نحو فاخر حول المثل الأمريكية. ولكن احتفاء الفيلم بمدى فاعلية الالتزام بالأخلاق والمثل العليا في ممارسة السياسة، وذلك فيما يتصل بما كان يجري في حقبة الحرب الباردة وانعكاسات ذلك على الكيفية التي ينبغي أن نتصرف على أساسها في عالمنا اليوم – يظهر على نحو مرتب ومتأنق بشكل مفرط.
وبينما قدم ستيفن سبيلبرغ في فيلميّه "ميونيخ" و"لينكولن" تجسيدا وتصويرا دراميا لذلك التحدي المثخن بالجروح الناجم عن محاربة الشر والخبث المنظميّن، فإنه في "جسر الجواسيس" يخاطر بأن يجعل هذا الصراع يبدو هينا بشكل مبالغ جدا.
.الناقد السينمائي أوين غلايبرمان
بإمكانك قراء الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture
وحتى في خضم ذاك الطابع الجهنمي الذي يكسو فيلم مثل "قائمة شندلر"، يمكن أن تفغر أفواه المشاهدين من فرط الإثارة بفعل القدر الهائل من العبقرية التي يتمتع بها هذا الرجل في مجال تقديم مشاهد سينمائية أخاذة. رغم ذلك، تحول ستيفن سبيلبرغ في الآونة الأخيرة إلى نوع مختلف من المخرجين السينمائيين، يمكن وصفه بأنه مخرج يرزح تحت ضغوط.
وقد بات سبيلبرغ مشدودا - أكثر من أي وقت مضى - إلى الموضوعات التاريخية، والتي يختارها بحسب مدى تلائمها مع ظروفنا الراهنة. ولكنه أصبح الآن راغبا في أن يدع حقائق التاريخ تعبر عن نفسها بالكلمات وباللقطات السينمائية سواء بسواء، ليتحول سبيلبرغ إلى نمط جديد من أنماط المخرجين الكلاسيكيين.
وفي بعض الأحيان يؤتي ذلك بنتائج مبهرة. ففي فيلم "ميونيخ"، ذاك العمل المثير المتقن الذي أخرجه سبيلبرغ واُنتِج عام 2005، تحول ما جرى في أعقاب أزمة احتجاز الرهائن الإسرائيليين خلال دورة الألعاب الأوليمبية الصيفية في عام 1972، إلى تأمل ذي طابع مفعم للغاية بالتشويق والإثارة بشأن قضية الانتقام بدوافع وطنية، ولماذا يكون من المُقدر فشل تلك المحاولات، سياسيا وروحيا.
أما في فيلم "لينكولن"، ذاك العمل – الذي يتناول سيرة حياة الرئيس الأمريكي الراحل أبراهام لينكولن بصورة تتسم بطابع رصينٍ وكاشفٍ وموحٍ في نفس الوقت – فقد استخدم سبيلبرغ المعركة التي خاضها لينكولن لإنهاء العبودية، كوسيلة لإيضاح المعنى الحقيقي للسياسة من خلال الدراما، ليُفْهِمَ المشاهد أن السياسة ما هي إلا حرب تجري بوتيرة بطيئة ويُحرز فيها النصر بأي وسيلة ضرورية.
ويشكل أحدث أفلام سبيلبرغ "جسر الجواسيس" تناولا دراميا لقضية جاسوسية بدأت وقائعها عام 1957. وكان من شأن هذا الفيلم أن يصبح عملا سينمائيا من الطراز الأول على غرار فيلميّه التاريخييّن السابقين البارزين، "ميونيخ" و"لينكولن". لكن العمل الجديد، مع كل الأناقة التي أُعِدَ بها، جاء ذا طابع مريح وناعم أكثر من اللازم، وسطحيا في التصورات الواردة في ثناياه.
ويتمحور الفيلم حول محامٍ من نيويورك متخصص في القضايا المتعلقة بالتأمينات يُدعى جيمس دونوفان (يجسد شخصيته توم هانكس) يُختار من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) للدفاع عن شخص يُشتبه في أنه جاسوس للاتحاد السوفيتي، يُدعى رودلف آيبل (يجسد دوره الممثل مارك رايلانس).
وآيبل هو فنان فاشل تلاحقه السلطات الأمريكية إلى أن يُعتقل في شقته بحي بروكلين، ويُزج به في السجن. ورغم أنه لا يوجد من يرى أن آيبل برئ، فإن دونوفان – على الأقل - يرى أن فيه جانبا إنسانيا، بينما تحتاج السلطات الأمريكية لأن تُظهر أن هذا المتهم ينال محاكمة عادلة.
لكن دونوفان يرفض ببساطة اتباع الإجراءات القانونية المعتادة. وخلال المحاكمة، يخوض حربا من أجل تبرئة ساحة موكله، مُطالبا المحكمة بعدم الاعتداد بأدلة إثبات رئيسية في القضية بدعوى أن السلطات لم تحصل قط على أمر بالتفتيش.
وعندما يلاحقه أحد عناصر الـ(سي آي أيه) و(الذي يجسد دوره سكوت شيبرد) ويوبخه، مُوضحاً له أن الأمر أكثر أهمية من أي محاكمة، يسخر منه دونوفان، شارحا موقفه في هذا الصدد بقوله إن ما يميز الولايات المتحدة عن سواها من البلدان يتمثل في استعدادها للعب وفقا للقواعد المتعارف عليها.
ومن بين المؤشرات التي تحدد ما هو حق وما هو باطل فيما يتعلق بهذا الفيلم، أنني تابعت هذا المشهد ومشاعري ممزقة ما بين التعاطف مع دونوفان أو مع وكالة الاستخبارات الأمريكية، ذاك الجهاز الذي يشكل أحد الجهات الممثلة للقوة الأمريكية، والذي يوجه لبعض الأشخاص تهما ذات طبيعة فضائحية من شأنها تدمير سمعتهم. (بطبيعة الحال يريد منك الفيلم أن تقف في صف المحامي).
ومن جهته، يتسم أداء هانكس لدوره في الفيلم والعبارات المكتوبة له في السيناريو بأسلوب مقتضب، ولكنه يتصف كذلك بتلك الروح المرحة التي تميز بها الممثل المخضرم هنري فوندا. لكن الإشارة الضمنية التي ينطوي عليها العمل والتي تفيد بأن كل شخصياته، باستثناء دونوفان، قد تخلوا عن أفضل خصالهم الإنسانية، تأتي أشبه بحقيقة تُقدم على نحو مبسط بشكل مفرط وذي طابع تعليمي وتوجيهي.
والأمر هنا لا يتعلق بالحديث مثلا عما إذا كان الجواسيس على جانبي الصراع خلال الحرب الباردة يُعاملون بإنسانية أو لا. فـ"سبيلبرغ" يريد تقديم فيلم يدافع عما يمكن أن يُوصف بمثالية الولايات المتحدة، ولكنه في واقع الأمر دنا على نحو خطير من القول إنه كان يمكن إحراز النصر في الحرب الباردة باتباع أخلاق الفرسان، وكأنها لعبة يمارسها رجال محترمون.
"هين للغاية"
وفي مسعى لإضافة حدث ذي طابع متفجر يأخذ البصر لمجريات الفيلم، يتابع سبيلبرغ عملية إطلاق طائرة تجسس أمريكية من طراز (يو تو)، المزودة بكاميرات مراقبة عملاقة. ولكن الطائرة تُسقط على نحو سريع ومذهل، ليسقط معها في أسر السوفيت الطيار فرانسيس غاري باورز (الذي يجسد شخصيته الممثل أوستين ستول) وهو من أوائل الطيارين الذين عملوا على هذا الطراز.ويقع الاختيار على دونوفان للسفر إلى ما وراء الستار الحديدي لإجراء مفاوضات تستهدف بلورة صفقة تبادل للسجناء، يتم بموجبها مبادلة آيبل بـ"باورز". ولكن المشكلة البسيطة القائمة في هذا الأمر تكمن في أن هناك سجينا أمريكيا آخر لدى المعسكر الشرقي، وهو طالب للدراسات العليا بجامعة "يل" الأمريكية محتجز في برلين الشرقية.
ورغم أن دونوفان أُعطي أوامر مباشرة بألا يسعى لاستعادة هذا الطالب، فإنه يختار عدم الانصياع لذلك. وهكذا ينخرط في مواجهة ضارية مع المفاوضين السوفيت والألمان الشرقيين، مُطالباً إياهم بتحرير السجينيّن الأمريكيين مقابل تسليمهم آيبل.
ولكن الشجاعة والثقة ذوي الطابع البليد والممل أحيانا اللذين يُكِنُهما هانكس، يوصلان إلينا معنى مفاده بأنه مواطن عادي بات نجما مناصرا للقيم والأخلاق. وهنا يتحول الفيلم إلى ما هو أشبه بلعبة شطرنج معتادة تكتنفها مخاطر جسيمة تهدد كلا لاعبيها.
فهل يتمكن دونوفان من خلال إذكاء التوتر ما بين المفاوضين السوفيت وأقرانهم الألمان الشرقيين من تحرير السجينيّن وليس سجينا واحدا، مع وجود خطر يتمثل في احتمال ألا يعود بأي منهما على الإطلاق؟.
كل ذلك حدث على أرض الواقع، ولكن تجسيده في الفيلم يجعل المحامي دونوفان يبدو كما لو كان يُقدم على مخاطرة غير محسوبة أو مسؤولة يدرك أنه سينجو من عواقبها، وذلك لأنه – في نظر المشاهد نجم كبير هو توم هانكس ويقوم ببطولة فيلم من أفلام الإنتاج الكبير في هوليوود، وهو ما يجعل من المنطقي توقع أن الحظ سيحالفه في نهاية المطاف. ولذا لا يوجد الكثير من الشكوك، ومن ثم التشويق، بشأن ما الذي ستؤول إليه الأحداث.
في النهاية، يبدو "جسر الجواسيس" استفتاءً مرتبا على نحو فاخر حول المثل الأمريكية. ولكن احتفاء الفيلم بمدى فاعلية الالتزام بالأخلاق والمثل العليا في ممارسة السياسة، وذلك فيما يتصل بما كان يجري في حقبة الحرب الباردة وانعكاسات ذلك على الكيفية التي ينبغي أن نتصرف على أساسها في عالمنا اليوم – يظهر على نحو مرتب ومتأنق بشكل مفرط.
وبينما قدم ستيفن سبيلبرغ في فيلميّه "ميونيخ" و"لينكولن" تجسيدا وتصويرا دراميا لذلك التحدي المثخن بالجروح الناجم عن محاربة الشر والخبث المنظميّن، فإنه في "جسر الجواسيس" يخاطر بأن يجعل هذا الصراع يبدو هينا بشكل مبالغ جدا.
.الناقد السينمائي أوين غلايبرمان
بإمكانك قراء الموضوع الأصلي على موقع BBC Culture